«التعليم» بين احتكار «لونجمان» ولعنة مصروفات «المدارس الخاصة»
الإثنين 29-9-2014
---------------------
منذ 18 عامًا تحتكر شركة «لونجمان» تأليف منهج اللغة الإنجليزية، بعد تسهيلات عدة من جانب زوجة الرئيس المخلوع سوزان مبارك، والدكتور فتحى سرور، وزير التربية والتعليم الأسبق، ليبلغ قيمة ما حصلت عليه «لونجمان» من وزارة التربية والتعليم نظير تأليف وطباعة كتب اللغة الإنجليزية، نحو 6 مليارات و840 مليون جنيه خلال الفترة المذكورة، علما بأن وزارة التربية والتعليم حددت 300 ألف جنيه نظير شراء حق تأليف المنهج، وهو السعر الذى حدده وزير التعليم السابق، الدكتور إبراهيم غنيم، فى المسابقة العامة التى طرحتها الوزارة لتأليف الكتب، مما يعنى أن المبلغ الذى تحصلت عليه «لونجمان» كان كفيلا بشراء نحو 22 ألفا و800 منهج جديد، وإذا كان متوسط بناء المدرسة الحكومية يبلغ 5 ملايين جنيه، فإن المبلغ الذى تحصلت عليه الشركة حتى الآن كان يكفى لبناء 1368مدرسة.
زكي بدر سحب طباعة الكتب من لونجمان وأعطاها لدور النشر القومية
دور «لونجمان» لم يقتصر على طباعة الكتب الإنجليزية فقط، ولكنها كانت تهيمن أيضا على ترجمة وطباعة كتب الرياضيات باللغة الإنجليزية للمدارس التى تدرس باللغات، واستمرت على ذلك حتى عام 2010، فى عهد الدكتور أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم الأسبق، الذى سحب طباعة كتب الرياضيات بالإنجليزية وأعطاها إلى عدد من دور النشر القومية، بينما استمرت «لونجمان» تحتكر تأليف وطباعة كتب اللغة الإنجليزية من الصف الرابع الابتدائى حتى الصف الثالث الثانوى، وبعد أن أدخلت اللغة الإنجليزية للتدريس بدءا من الصف الأول الابتدائى، كان تأليف كتب الصفوف الثلاثة الأولى بالمرحلة الابتدائية من اختصاص الوزارة، وكان يؤلفها مكتب مستشار اللغة الإنجليزية، حتى العام قبل الماضى، إلى أن حصلت دار «الشروق» على حق تأليف مناهج اللغة الإنجليزية للصفوف الابتدائية الستة.
مصادر بوزارة التربية والتعليم أكدت لـ«الدستور الأصلي»، أنه خلال الفترة السابقة كان يمثل دار «لونجمان» فى التعامل أمام وزارة التربية والتعليم الدكتور على البرادعى شقيق الدكتور محمد البرادعى، الذى كان يشغل منصب العضو المنتدب السابق للشركة، وكانت الدار تستقدم المناهج المؤلفة من بريطانيا، ويتم تمصيرها عبر مكتب مستشار المادة، بعد عقد اجتماعات عدة مع مؤلفى الكتب، وأحد موجهى المادة، من أجل تمصير الأماكن، والشخصيات، وتحويل المنهج الموضوع إلى أقرب شكل يناسب الثقافة المصرية، وكان حلمى عبد ربه، موجه اللغة الإنجليزية السابق هو المختص بالقيام بهذا الدور.
وحاليا يمثل شركة «لونجمان» رجل الأعمال عمرو السرجانى، حيث استطاع السرجانى الحفاظ على احتكار طباعة الكتب الإنجليزية، خلال العام الدراسى الماضى، رغم رغبة الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم السابق فى أن يتم تغيير تأليف كتب الإنجليزية، عن طريق المسابقة العامة التى طرحتها الوزارة للتأليف، خلال العام الماضى، إلا أن السرجانى أوهم الجميع بأن «دار لونجمان» ستتقدم لتأليف منهج جديد للغة الإنجليزية فى المرحلتين الإعدادية والثانوية، كما حرص السرجانى على إقناع الجميع بذلك، وكان يوجد يوميا بالوزارة طوال المدة المحددة لمسابقة التأليف، ونجحت خطة السرجانى فى ذلك، ولم تتقدم سوى 6 دور نشر بمناهج مؤلفة للصفوف الابتدائية، فى حين لم يتقدم أحد للتأليف فى منهج الإنجليزى للمرحلتين الإعدادية والثانوية.
معلمو الانجليزية يفاضلون بين منهجين "Hello" و"Time For English"
ووفقا لمصادر بالوزارة، فقد كان بين دور النشر المتقدمة لتأليف منهج الإنجليزية للابتدائية، «الشروق»، وبالفعل حصلت «الشروق» على حق تأليف كتب اللغة الإنجليزية للصفوف الابتدائية، وحرمها هذا وفقا لنصوص المناقصة العامة لطباعة وتأليف الكتب من حق طباعة تلك الكتب، فحصلت على ثمن التأليف، وقدرت وزارة التربية والتعليم حق تأليف تلك الكتب بثلاثة مجموعة، فاعتبرت لجنة التحكيم أن الكتب من أولى إلى ثالثة ابتدائى هى مجموعة واحدة، ومن الصف الرابع إلى السادس الابتدائى مجموعتان، وقدرت للمجموعات الثلاث مبلغ 950 ألف جنيه، حصلت عليها الدار، وفى المقابل لم تحصل «الشروق» على حق طباعة تلك المناهج، لأنه وفقا لشروط مسابقة التأليف فإن من يتقدم للتأليف لا يحق له التقدم للطباعة عن نفس المنهج الذى ألفه.
المصادر ذاتها لفتت إلى أن «الشروق» استوردت مناهجها هذا العام من جامعة «اكسفورد»، وجاءت مناهج الابتدائى تحت عنوان «English Time for» وهو منهج جديد تماما، ويفاضل معلمو الإنجليزية بينه وبين منهج «HELLO» الخاص بدار لونجمان.
مصادر الوزارة أكدت أن دار النشر العالمية، تعتمد على عدد من قيادات التربية والتعليم ممن يسهلون للشركة احتكار مناهج الإنجليزية، من خلال غض النظر عن الحصول على السيديهات الأصلية للمناهج، التى تحتفظ بها الشركة، وترفض تسليمها لـ«التربية والتعليم».
وقد واجهت دار «لونجمان للطباعة والنشر» تحديا كبيرا خلال العام الدراسى الحالى، عندما قرر الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الحالى الإبقاء على منهج «TIME FOR ENGLISH» للمرحلة الابتدائية، مع تكليف مكتب مستشار اللغة الإنجليزية بتطوير المنهج وتعديله بما يتوافق مع عقلية التلاميذ، وبما يراعى الثقافة المصرية، ليوفر بذلك ملايين الجنيهات، التى كانت دار لونجمان تتوقع الحصول عليها بعد أن تأكدت من شكاوى المعلمين وأولياء الأمور من المنهج الجديد، إلا أن أبو النصر فوت عليها هذه الفرصة.
حرب بين بين «لونجمان» ودار «نيوهيرذون»
وبدأت الحرب بين «لونجمان» ودار «نيوهيرذون»، التى كانت تحتكر طباعة مناهج اللغة الفرنسية للثانوية العامة، تأخذ منحى جديدًا مع وزارة التربية والتعليم، بعد اتجاه أبو النصر إلى كسر احتكار تأليف مواد اللغات واتفاقه الذى أعلن عنه مؤخرا مع كلية التربية بجامعة عين شمس وقسمى اللغة الإنجليزية والفرنسية بكلية الألسن، بتأليف مناهج جديدة للغات، على أن يبدأ ذلك مع العام القادم 2015/2016 بتقديم منهج جديد لأولى وثالثة ابتدائى وأولى إعدادى، ثم فى العام الذى يليه يقدم منهجا جديدا فى ثانية ورابعة ابتدائى وثانية إعدادى، وفى العام الثالث يقدم منهجا جديدا فى ثالثة وسادسة ابتدائى وثالثة إعدادى، وفى كل عام من الأعوام الثلاثة يقدم منهجا جديدا لأحد صفوف الثانوية العامة لتصبح الوزارة مالكة لمناهج خاصة بها فى اللغات فى غضون ثلاث سنوات، هذا بالنسبة إلى الإنجليزية والفرنسية أيضا التى تدرس فى المرحلة الثانوية، وقد بدأت الوزارة بالفعل هذا العام فى تأليف منهج جديد للغة الفرنسية للصف الأول الثانوى، وهو ما أثار حفيظة الدار المحتكرة لطباعة وتأليف اللغة الفرنسية.
وقد دفعت تلك الإجراءات «نيوهيرذون» إلى الاتحاد مع «لونجمان» التى تحتكر طباعة سلسلة «HELLO» من أكثر من 20 عاما، وكانت البداية مع وزارة الدكتور فتحى سرور وزير التربية والتعليم الأسبق، وبتسهيلات مباشرة من زوجة الرئيس الأسبق سوزان مبارك، حصلت صاحبة الدار على حق احتكار تأليف تلك الكتب، وطباعتها لصالح وزارة التربية والتعليم.
74 مليون جنيه سنويا
كانت «لونجمان» تحصل على أرباح مالية تتجاوز 74 مليون جنيه سنويا، نظير طباعة نحو 18 مليونا و200 ألف نسخة بين الكتاب المدرسى وكتاب التدريبات على الدروس المعروف لدى طلاب الثانوية العامة بكتاب «Work Book»، كما كانت قبل عام 2012 تطبع كل كتب اللغة الإنجليزية فى التعليم قبل الجامعى، بما يوازى 56 مليون نسخة بقيمة إجمالية تبلغ نحو 380 مليون جنيه.
وفى تلك الفترة تتلاقى مصالح دور النشر المتضررة من إجراءات وزارة التربية والتعليم فى ما يتعلق بكسر حاجز احتكار تأليف اللغات، مع عدد من أصحاب المدارس الخاصة ممن تضرروا من الإجراءات الأخيرة، التى اتخذتها وزارة التعليم قبل بدء العام الدراسى الحالى، خصوصا ما يتعلق بإصدار القرار الوزارى رقم 420 الصادر فى 9 سبتمبر الجارى، الذى ألغى القرار الوزارى رقم 449 المنظم للعمل داخل المدارس الخاصة، وقضى القرار الجديد على ثغرات القرار السابق فى ما يتعلق بإمكانية السماح بزيادة المصروفات، وجعلت تلك الزيادة مشروطة بالشرائح التى يحددها القرار الوزارى رقم 290، وأنه فى حالة التقدم بطلب زيادة فى المصروفات خلال المدة القانونية وهى فى الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، فإنه لا يمكن التقدم بطلب آخر إلا بعد 5 سنوات. كان للكتاب الدورى رقم 20 الذى أصدره وزير التعليم الحالى وقع سلبى على أصحاب المدارس الخاصة، خصوصا بعدما شدد الكتاب الدورى على ضرورة إعادة تقييم المصروفات الدراسية لكل المدارس الخاصة، وفقا للشرائح المحددة بالقرار رقم 290، التى تبدأ من 3% زيادة للمدارس التى تزيد مصروفاتها على 4 آلاف جنيه، وتصل إلى 17% للمدارس التى تقل مصروفاتها عن 600 جنيه.
استبعاد مندوه الحسيني
أما قرار الوزير باستبعاد المندوه الحسينى رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة بالجيزة من عضوية المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى، فاعتبره أصحاب المصالح المشتركة مع المندوه ضربة موجهة لهم، خصوصا أن الأخير كان يستغل منصبه فى عضوية المجلس ويلتقى وزير التعليم كثيرا من أجل إنهاء مشكلات أصحاب المدارس الخاصة والتوسط لحلها مع قيادات الوزارة، وهو ما بات صعبا خلال الفترة الحالية. ويسعى أصحاب المدارس الخاصة حاليا إلى استفزاز وزارة التربية والتعليم عن طريق علاقاتهم ببعض القيادات الفاسدة بالإدارات والمديريات التعليمية، لتعطيل تنفيذ قرارات الوزارة فى ما يتعلق بضبط العملية التعليمية داخل المدارس الخاصة، ومن ثم تصدير المشكلات للوزارة، وتوجيه أولياء الأمور للتظاهر أمام وزارة التربية والتعليم، حتى تعود الوزارة للتفاوض مع أصحاب المدارس الخاصة لإنهاء المشكلات التى تروجها يوميا. من جانبها كشفت مصادر بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة لـ«التحرير»، أن لجنة التعليم الخاص بالمديرية قررت إلغاء كل التراخيص الصادرة لمدارس خاصة بالعاصمة بشأن توسعات قام بها أصحاب المدارس الخاصة، بناء على القرار الوزارى رقم 449، الذى كان ينص على أن أى توسع يتطلب موافقة لجنة من الإدارة التعليمية التابع لها المدرسة، وهو ما ألغاه القرار 420 الصادر فى 2014، إلا أن أصحاب المدارس الخاصة رفضوا كلام لجنة التعليم الخاص بالقاهرة، باعتبار أنه لا يوجد سند قانونى لتطبيق قرار حديث بأثر رجعى لما تم وفقا لقرار سابق.