recent
أخبار ساخنة

كل ما تريد معرفته عن نظام التعليم المقلوب Flipped learning تطبقه جامعة هارفارد

التعليم المقلوب Flipped learning














أولاً:مفهوم التعليم المقلوب Flipped learning

بالرغم من أن مفهوم التعليم المقلوب هو مفهوم حديث وما زال يتشكل إلا أن فكرته وببساطة تتعلق بأن ما يتم عمله في البيت ضمن التعلم التقليدي يتم عمله خلال الحصة/ المحاضرة الصفية وأن ما يتم عمله خلال الحصة/ المحاضرة الصفية في التعلم التقليدي يتم عمله في البيت. فيكون تعرض الطالب للمادة الدراسية خارج الحصة الصفية سواء من خلال فيديو تعليمي يقوم المعلم بتسجيله لشرح درس معين أو قراءات تتعلق بموضوع الدرس (Brame, 2013, 4).
يتم تحويل الحصة أوالمحاضرة التقليدية ضمن التعليم المعكوس، من خلال التكنولوجيا المتوفرة والمناسبة، إلى دروس مسجلة يتم وضعها على الإنترنت بحيث يستطيع الطلاب الوصول إليها خارج الحصة الصفية. لإفساح المجال للقيام بنشاطات أخرى داخل الحصة، مثل حل المشكلة والنقاشات وحل الواجبات. فهو تعلم يحل فيه التدريس من خلال التكنولوجيا على الإنترنت مكان التدريس المباشر في الغرفة الصفية. وقد تأخذ التكنولوجيا في هذا السياق أشكالاً متعددة بما في ذلك الفيديو والعروض التقديمية (Power point) والكتب الإلكترونية المطورة والمحاضرات الصوتية (Podcasts) والتفاعل مع الطلاب الآخرين من خلال المنتديات الإلكترونية وغيرها، مع أن الفيديو هو الشائع في هذا المجال. وبالأساس، المعلم هو من يقوم بإنتاج المحاضرات وجعلها متوفرة للطلبة على الإنترنت في البيت وقبل الحضور إلى الحصة (Johnson et al., 2014, 11).
ويسعى نمط التعليم المعكوس إلى إعادة تشكيل العملية التعليمية ليتم تغيير الدور التقليدي الذي تقوم به المدرسة والمنزل بحيث يحل كل منهما مكان الآخر وهو ما أعطى هذا النمط اسمه. ففي التعلم التقليدي الذي يعتمد أسلوب المحاضرة يقوم المعلم بشرح المادة التعليمية خلال الحصص الدراسية ثم يذهب الطلاب إلى البيت بعدها ليقوموا بحل الواجبات والتعامل مع المشكلات لوحدهم وهو ما قد يؤدي إلى عزوفهم عن المادة في بعض الأحيان أو إلى الإحباط لعدم القدرة على التغلب على المشكلات في أحيان أخرى. أما في التعليم المعكوس يقوم يتابع الطالب فيديوهات شرح المادة التعليمية ليفهم المفاهيم والأفكار الأساسية في الدرس ثم يأتي إلى المدرسة ليقوم بالتطبيق والمناقشة وحل المشكلات بمساعدة المعلم والطلاب الآخرين. ولهذا يتفاعل الطلاب بطريقة مختلفة مع المادة التعليمية عما تعودوا عليه في النمط التقليدي. فيتفاعل الطلاب مع المادة التعليمية بشكل أكثر عمقاً وهو ما يعمق فهمهم وحبهم لها وما ينعكس بالضرورة على ما يحققونه من خلالها. فالنقاشات والأسئلة يصبح لها معنى أكبر وأكثر ثراء لدى الطلاب نتيجة لتفاعلهم مع المادة التعليمية بعيداً عن السطحية التي من الممكن أن ينتجها مجرد الاستماع إلى المعلم وحفظ المادة وفهمها في البيئة التقليدية (Horn, 2013, 1).
وتعتمد آلية الصفوف المقلوبة ( المعكوسة ) على عكس دور البيت ودور المدرسة ليأخذ كل منهما دور الآخر في التدريس التقليدي، ففي الطريقة التقليدية يتم شرح المادة العلمية للطلبة من قبل المعلم ثم يعطون أسئلة ومشكلات لحلها والتدرب عليها في البيت ولكن في الأغلب يكون الطلاب غير قادرين على ذلك بسبب نسيانهم ما شرحه المعلم خلال الحصة الصفية أو لعدم قدرتهم على كتابة الملاحظات خلال شرح المعلم. أما في الصفوف المعكوسة فيكون العكس. فيعتمد الطلاب على مشاهدة الأفلام التعليمية في البيت بالسرعة والوقت المناسبين لهم حيث يمكن إعادة مشاهدة شرح نقطة معينة أكثر من مرة، وكذلك من الممكن تسريع عرض الفيلم للوصول إلى ما هو مطلوب. كما أنه من الممكن مشاهدة تلك الفيديوهات التعليمية من خلال الحاسوب أو من خلال الأجهزة المحمولة وهو ما يتيح المجال بشكل واسع للانخراط في العملية التعليمية. وخلال مشاهدة المقاطع الفيلمية يقوم الطالب بتدوين أية ملاحظات أو أسئلة خلال مشاهدة الفيديو. ولا يتوقع من الطالب أن يتقن جميع المفاهيم والأفكار بمجرد مشاهدة الفيديو ولكن عليه أن يفهم على الأقل المفاهيم الأساسية في المادة (Holley, et al, 2010m 287).
إن ما يتم عمله في العادة داخل  الغرفة الصفية في التعلم التقليدي يتم عمله في البيت ضمن نمط التعليم المعكوس من خلال متابعة شرح المادة التعليمية، وبذلك يستطيع الطالب أن(Bergmann & Sams, 2012, 21):
يسير بالسرعة التي تناسبه في التعليم.
إيقاف شرح المادة متى يشاء لتدوين الملاحظات أو الأسئلة على المحتوى ثم متابعة عرض الشرح من جديد.
إعادة المشاهدة أكثر من مرة لكي يتمكن من الفهم بالمستوى المطلوب.
التنقل بين المشاهد السابقة واللاحقة أثناء عرض الفيلم من أجل استيضاح نقطة معينة أو تجاوز مقطع يعرفه من قبل.

ثانياً: دعائم الفصل المقلوب

لكي يتم تطبيق نمط الفصل المقلوب ( التعليم المعكوس ) بفاعلية وكفاءة لابد من التركيز على توافر أربعة دعائم أو أركان رئيسة (Hamdan, et al., 2013, 2).

1- توافر بيئة تعلم مرنة (Flexibility):

فالبيئة الجامدة تعيق تطبيق التعليم المعكوس ذلك أن المعلم قد يحتاج إلى إعادة ترتيب بيئة التعلم باستمرار بما يتناسب مع الموقف التعليمي ومع مستويات الطلاب وحاجاتهم. فقد يتضمن ذلك تكوين جزء خاص بالدراسة الذاتية أو بنظام المجموعات أو البحث أو التطبيق أو غيرها وهذا كله من الممكن أن يكون في بيئة تعلم واحدة. لذلك لابد من وجود المرونة الكافية في بيئة التعلم ولدى القائمين عليها لاستيعاب مثل هذه الديناميكية وتسهيل المهمة أمام المعلم للقيام بذلك. حتى المعلم نفسه يجب أن يتقبل حقيقة أنه قد يكون في الحصة الصفية الكثير من الحركة والضوضاء أحياناً وهو أمر غير مألوف في الحصة الصفية التقليدية.

2- تغير في مفهوم التعليم (Learning Culture):

وذلك بالانتقال من فلسفة مركزية التعلم حول المعلم كونه هو مصدر المعرفة لهذه المادة ليصبح المركز هو الطالب. فيتحول الطالب من "مُنتج" (Product) لعملية التدريس ليصبح محوراً لعملية التعلم حيث يقوم باستمرار بعملية تشكيل المعرفة وبشكل فعال وإيجابي. وضمن هذا الإطار يتدخل المعلم ليساعد الطالب للانتقال من مستوى إلى آخر في المعرفة.
3- التفكير الدقيق في تقسيم المحتوى وتحليله:
وذلك لتحديد ما سيتم تقديمه من المحتوى عن طريق التدريس المباشر وما من الممكن أن يتم تقديمه للطلبة بطرق أخرى. ويعتمد هذا الأمر على قرارات يتخذها المعلم بناءً على طبيعة المادة والطلاب.

4- توافر  معلمين  أكفاء ومدريين:

على عكس ما قد يتوقعه البعض فإن الحاجة للمعلم الكفؤ والمدرب تصبح ملحة في التعليم المعكوس. فهذا النمط من التعلم لا يهدف أو يؤدي إلى الاستغناء عن المعلم وإنما تزداد الحاجة لمعلمين قادرين على التعامل مع هذا النمط. فالمعلم ضمن هذا النمط يصبح لديه الكثير من القرارات التي لابد من أن يتخذها ولذلك يجب أن تكون مثل هذه القرارات أقرب ما يمكن من الصواب مثل التنقل بين التدريس المباشر والتدريس غير المباشر من خلال التكنولوجيا.
شكل (1) الأركان الأساسية للتعليم المعكوس

ثالثاً: مميزات التعليم المعكوس

يمتاز نمط التعليم المعكوس عن غيره من أنماط التعلم الأخرى بعديد من الميزات التي تراعي في مجملها الطالب وحاجاته وإمكانياته من أجل تحقيق تعلم أفضل استناداً إلى ما توفره التكنولوجيا الحديثة من فرص تعلم متميزة. ومن أهم ميزات التعليم المعكوس (Goodwin & Miller, 2013. 30 – 36):

1- التماشي مع متطلبات ومعطيات العصر الرقمي:

لقد أفرز العصر الرقمي جيلاً جديداً مختلفاً عن الأجيال السابقة ووضع بين يديه العديد من الأدوات الفائقة. فالأشخاص الذين ولدوا خلال العقد الأخير من القرن العشرين نشأوا في بيئة مليئة بالأجهزة والأدوات التكنولوجيا الرقمية وغير الرقمية. فالطفل ينشأ محاطاً بالأجهزة الخلوية والحواسيب بأنواعها المختلفة وهو ما جعل هذا الطفل "مولوداً رقمياً أصيلاً حيث إنه ولد في البيئة الرقمية وهو يتعامل معها على أنها من مفردات حياته اليومية التي لا يفكر كثيراً في طريقة استخدامها لأنها أصبحت بديهية لديه. وقد أدت تلك المتغيرات إلى ظهور فجوة بين جيلين الجيل الرقمي الأصيل" "والجيل الرقمي المهاجر". فالجيل الرقمي الأصيل يستخدم التكنولوجيا الرقمية بحرفة وسلاسة بينما يستخدمها الشخص الرقمي المهاجر بطريقة قد تظهر بوضوح أنه ليس أصيلاً في استخدامه للأدوات الرقمية مقارنة بالرقمي الأصيل الذي يستخدمها بكل سلاسة وعفوية (الشرمان، 2013، 34).
كما أن من أهم سمات الطالب في العصر الرقمي أنه متصل بشكل شبه دائم بالإنترنت من خلال الأجهزة المختلفة بما في ذلك الحاسوب والهاتف الخلوي والأجهزة اللوحية الأخرى (مثل الـ IPAD و Galaxy Note وغيرها). فالطالب على تواصل شبه دائم بما يحصل على الفيس بوك أو الواتس اب (Whats App) وما يتم تحميله على موقع التواصل الاجتماعي الأخرى بما في ذلك التويتر (Twitter) واليوتيوب (Youtube).

2- المرونة:

لقد تغيرت نوعية الطلاب كثيراً في أواخر القرن العشرين وغلى الآن من القرن الحادي والعشرين وبخاصة في قطاع التعليم العالي. فكثير منهم طلبة غير تقليديين فهم ملتزمون بأعمال ووظائف وارتباطات عائلية وكثير منهم دائمو التنقل نظرات لارتباطات مختلفة.
إن الآلية التي يقدم فيها المحتوى التعليمي من خلال فيديوهات تعليمية ترفع على الإنترنت تعطي الفرصة والمجال للطلبة الذين لديهم ارتباطات كثيرة أن يستفيدوا من ذلك. فالطالب الذي يكون لديه ضغط وارتباطات كثيرة في وقت معين من الممكن أن يعيد ترتيب جدوله لكي يستفيد من أوقات الفراغ لديه ما أمكن بحيث يقوم بمشاهدة الفيديوهات التعليمية مسبقاً كلما سنحت له الفرصة لذلك لأنه قد لا يجد الفرصة لذلك في الوقت المطلوب لاحقاً. فيقوم الطالب بمتابعة شرح الدروس وكتابة ملاحظاته وأسئلته لمراجعتها ومناقشتها مع المعلم لاحقاً. ولا شك أن هذا يعطي راحة نفسية لمثل هؤلاء الطلاب حيث إنهم يتحررون من القلق الإضافي بسبب ازدحام جدولهم وإمكانية عدم قدرتهم على متابعة شرح المعلم في النمط التقليدي (Alvarez, 2012, 19).
يشير بير غمان، وهو معلم كيمياء في مدرسة وودلاند بارك العليا، بعد أن قام بـ "عكس" تدريسه، إلى أن هذه الطريقة ساهمت في أن يأتي الطلاب إلى الحصة بملاحظات وأسئلة حول موضوع الدرس. ومع الزمن أصبح طلبته يسألون أسئلة أفضل ويفكرون بعمق أكثر فيما يتعلق بالمحتوى. ويشير إلى أنه أصبح من السهولة بمكان متابعة الطلاب كل على حدة واستيضاح إذا ما كان لديهم فهم غير دقيق للمفاهيم وتصحيحها لهم. فيقول بأنه الآن أصبح لديه الوقت الكافي ليعمل مع كل طالب عن قرب وصار يتحدث مع كل طالب في كل حصة وفي كل يوم (Fenrich, 2005, 34).

3- الفاعلية (Efficiency):

إن إعادة ترتيب عناصر العملية التعليمية ووقتها يجعل التفاعل أكثر غنى وفائدة. وكما هو الحال ضمن التعلم المدمج بشكل عام فالهدف هو الاستفادة من إمكانية التعلم الإلكتروني وكذلك إمكانيات التعلم التقليدي المباشر والتخفيف من سلبيات كل أسلوب إذا ما أخذ منفرداً (Findlay, et al., 141).

4- مساعدة الطلاب المتعثرين أكاديمياً:

غالباً ما ينعم الطلاب المتميزون ضمن نمط التعلم التقليدي بالاهتمام والرعاية والانتباه من المعلمين. أولئك هم الطلاب الذين يرفعون أيديهم عندما يسأل المعلم سؤالاً ما وهم بدورهم يسألون أسئلة ذكية تجذب انتباه المعلم. في حين أن الطلاب الذين يفضلون الجلوس في المقاعد الخلفية ويمتازون بأنهم من الطلاب المتعثرين أكاديمياً غالباً ما يستسلمون لقدرهم للعيش في الظل بعيداً عن اهتمام المعلم ومساعدته. وفي أحسن الأحوال يأخذ الطلاب الأقل تحصيلاً دور المستمع السلبي لما يجري داخل الحصة الصفية بين المعلم والطلاب المتميزين. ويوماً بعد يوم يزداد الوضع سوءاً بحيث تتسع الفجوة بين الطلاب المتميزين والمتعثرين ضم الصف الواحد (Findlay, et al., 142).

5- زيادة التفاعل بين المعلم والطالب (Interaction and collaboration):

كنمط من أنماط التعلم المدمج ويجمع بين التعلم التقليدي والتعلم الإلكتروني، يزيد التعليم المعكوس التفاعل بين المعلم والطالب ويجعل هذا التفاعل أكثر فاعلية في خدمة العملية التعليمية. كما أن زيادة التفاعل بين المعلم والطالب وتوسعه ليشمل الطلاب المتعثرين بما يسمح للمعلم القيام بدور جوهري بشكل أكبر. فمع أن أساس العلاقة بين المعلم والطالب هي أن يقوم المعلم بمساعدة الطالب على تعلم المحتوى إلا أن دور المعلم ينبغي أن لا يتوقف عند ذلك. فالمعلم الكفء دائماً ما يكون لديه علاقات قوية مع طلبته وهو ما يساعده على فهمهم ومساعدتهم للارتقاء والتميز والإبداع بدلاً من التركيز فقط على المادة الدراسية. فالمعلم لديه أدوار متعددة غير التعليم تشمل إلهام الطلاب وتشجيعهم ومساعدتهم على تكوين رؤية أوضح لمستقبلهم. وبالطبع، ليس كل المعلمين لديهم القدرة على القيام بذلك ولذلك كثيراً ما نركز على الدور المحوري للمعلم المتميز في حياة الطالب (Frydenberg, 2013, 3).

6- التركيز على مستويات العليم العليا:

على غير ما يمكن أن يتخيله البعض عن التعلم المدمج والتعليم المعكوس، يعتبر المعلم في التعليم المعكوس عنصراً جوهرياً. فاعتماد أدوات كالفيديو لنقل المحتوى التعليمي لا يعني بأي حال من الأحوال الاستغناء عن دور المعلم. فدور المعلم لا يمكن الاستغناء عنه وبخاصة للانتقال بالطلاب إلى مستويات عليا في الفهم والتفكير. ولذلك فإن وقت التفاعل المباشر بين المعلم والطالب ضمن التعليم المعكوس يكون أهم جزئية يجب التركيز عليها والتخطيط لها بدقة وعناية فائقة للاستفادة منها بالشكل المطلوب(Brame, 2013, 6).

7- مساعدة الطلاب من كافة المستويات على التفوق وبخاصة من ذوي الحاجات الخاصة:

إن الإطلاع على المادة العلمية قبل الدرس يهيئ الطلاب ذهنياً وعقلياً للنشاطات والتطبيقات التي تتم خلال الحصة المباشرة والتي تتمحور حول ما اطلع عليه الطلاب في البيت (Brame, 2013, 7).
وبما أن شرح المادة الدراسية يتم تقديمه من خلال فيديوهات تعليمية مسجلة من قبل المعلم فالطالب من ذوي الحاجات الخاصة (على سبيل المثال من لديهم صعوبات تعلم) يستطيع إعادة شرح المادة مرة بعد مرة حتى يتقن المادة الدراسية. وهذا قد يخفف من قلق الطالب عندما يعلم أن المادة الدراسية لديه ولا حاجة لأن يأخذ ملاحظات من طلبة آخرين قد تكون مغلوطة أو ناقصة أو غير واضحة. فالطالب لديه الخيار لإيقاف شرح المعلم وإعادته إلى أن يتم تحقيق أهداف التعلم (Bergmann & Sams, 2012, 4).

8- المساعدة في قضية الإدارة الصفية:

يشكل وجود بعض الطلاب داخل الغرفة الصفية تحدياً أمام العديد من المعلمين بسبب ما يقومون به من تشويش على تعلم الطلاب الآخرين إضافة إلى عدم انتباههم هم أنفسهم. فهؤلاء الطلاب لطالما أثروا على البيئة الصفية في التعلم التقليدي. ونتيجة لعدم وجود الوقت والجهد الكافي لدى المعلم في التعلم التقليدي لتلمس الأسباب التي تدفع بهذا الطالب أو ذاك للقيام بمثل هذه الأفعال فيتم التعامل مع المشكلة بشكل سطحي إما على شكل عقاب أو "محاصرة" للطالب أو تجاهل وجود مشكلة أصلاً وبخاصة أن المعلم ملزم بجدول ينبغي عليه الالتزام به. ومن المعلوم أن قضية الإدارة الصفية قضية جوهرية في سير العملية التعليمية وفي قدرتها على تحقيق أهدافها (Bergmann & Overmyer, 2012, 1 ).

9- الشفافية:

قد يكون أولياء الأمور أحياناً في شك من قيمة وفاعلية التدريس الذي يتلقاه أبناؤهم في المدرسة. وعندما يقومون بالاستفسار عن أحوال أبنائهم فهم عادة ما يحصلون على إجابات عامة أو غير دقيقة. ولذلك يوفر التعليم المعكوس مجالاً أكبر للشفافية حول ما تقوم به المؤسسات التعليمية وبخاصة عندما يطلع أولياء الأمور على الطريقة والمحتوى الذي يتعرض له أبناؤهم. وأكثر من ذلك أنه تصبح لدى أولياء الأمور فرص لمتابعة تعلم طلبتهم أو حتى التعلم معهم أثناء متابعتهم للفيديوهات التعليمية (Bergmann & Sams, 2012, 7).

10- التغلب على نقص أعداد المعلمين الأكفاء وكذلك غياب المعلم:

تحدث في بعض الحالات أن مدرسة معينة تحتاج لمعلم نتيجة مغادرة المعلم الأصلي أو لانشغاله أو لحدوث أمر طارئ. وفي هذه الحال تواجه المدرسة صعوبة كبيرة في توفير معلم كفؤ وبخاصة في بعض التخصصات العلمية. وفي أغلب الأحيان تضطر المدرسة لتعبئة الشاغر بأي معلم متوفر في ذلك الوقت وهو ما يكون في بعض الأحيان على حساب الطالب بسبب عدم وجود الخبرة لدى المعلم أو لعدم كفاءته (D'agata, 2008, 1).
ويأتي التعليم المعكوس للمساعدة على التغلب على مثل هذه الظاهرة من خلال الاستعانة بالفيديوهات التي تم تسجيلها من قبل معلمين أكثر كفاءة. كذلك من الممكن للمعلم أن يقوم بتسجيل فيديوهات لشرح دروس قادمة قد لا يكون هو موجود حينما يأتي شرحها في المدرسة. فإذا ما فكر المعلم بأخذ إجازة اضطرارية خلال الدوام فإن بإمكانه أن يشرح الدروس التي يتعين على الطلاب دراستها في وقت غيابه.

رابعا: صعوبات تطبيق التعليم المعكوس:

هناك العديد من القضايا التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار لكي لا تقف عثرة أمام تطبيق التعليم المعكوس والاستفادة القصوى منه. ومن تلك القضايا والعقبات (Fulton, 2012, 14):
قضية توفر التكنولوجيا المناسبة وبالمستوى المناسب لتبني نمط التعليم المعكوس قد تكون من القضايا الأساسية في نجاح أو فشل هذا النمط من التعلم. وهذه القضية لا تتعلق فقط بهذا النمط وإنما هي عامة تندرج في تكنولوجيا التعليم بشكل عام. حيث إن الدراسات السابقة ركزت على أن توفر التكنولوجيا بالطريقة والمستوى المناسبين هما من العوامل الأساسية التي تقرر نجاح أو فشل تبني تكنولوجيا تعليم معينة (Hepp, et al, 2004, 12).
فقد يكون هناك تخوف لدى البعض من أن نمط التعليم المعكوس من الممكن أن يوسع الفجوة بين الطلاب من الأسر عالية الدخل والأسر متدنية الدخل كما أن قضية توافر الإنترنت وسرعتها في كافة المناطق من الأمور الأساسية التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار (Findlay- Thompson & Mombourquette, 2013, 140).
إلا أن التكنولوجيا نفسها توفر حلولاً في حال وجود عقبات في جانب معين. فإذا ما كان الوصول إلى الإنترنت عقبة أما استفادة الطلاب من المواد التي يضعها المعلم على الإنترنت فإن خيارات أخرى تتمثل بإعطاء الطلاب المادة على أقراص مضغوطة (CD أو DVD أو غيرها) بحيث يتابع الطلاب المادة ويطلعون عليها دون الحاجة إلى الإنترنت.
ضرورة التغيير في منهجية وعقلية المعلم. فكثير من المعلمين سيجدون من الصعوبة بمكان أن يتخلوا عن جزء كبير من "الأنا" لديهم عندما ينتقلون من دور تلقين الطلاب ما يشاءون إلى توجيههم وإرشادهم (Frydenberg, 2012, 2).
ذلك أن المعلم لا يعود هو نبع المعرفة: الوحيد بالنسبة للطالب ولكن يصبح مصدراً من المصادر العديدة التي من الممكن أن يرجع إليها للحصول على المعلومات.
ضرورة امتلاك المعلم للمهارات الخاصة بالتعامل مع البرامج لكي يتمكن من إنتاج مواد للتعلم المعكوس. ويحتاج ذلك إلى تدريب خاص للمعلمين على البرامج وطريقة توظيفها في التعليم المعكوس وهو ما يحتاج إلى جهد إضافي من قبل المعلم والمؤسسة التعليمية على حد سواء. وبدون تحمس المعلم والتزامه لا يمكن توقع نجاح هذا النمط.
ضرورة تقبل الطالب لتحمل مسؤولياته في التعلم والتخلي عن اعتماده على المعلم كما تعود في التعلم التقليدي. فالطالب يأتي إلى الغرفة الصفية وفي ذهنه تصور للكيفية التي ستكون عليها والتي تعتمد على ما يقوله المعلم أولاً وآخراً. أما في التعليم المعكوس فيكون على الطالب مسؤولية كبيرة في التعليم المعكوس وبدون تحمل ذلك يبقى هذا النمط منقوصاً في ركن أساسي منه (Findlay- Thomspon & Mombourquette, 2013, 141). لذلك، لابد من تقبل الطلاب لهذا النمط من أجل ضمان التزامهم بدورهم ضمنه وهنا لابد من أن يتم توضيح هذا الأمر للطلبة والاستماع إلى نقاط قلقهم واستفساراتهم حول هذا النمط وهو ما قد يستغرق وقتاً ويحتاج إلى كثير من الجهد والإعادة حتى تستقر الأمور (Demski, 2013). فعلى المعلم أن يكون متحمساً لهذا النمط وأن يكون مستعداً للإجابة عن أسئلة الطلاب وتبرير الانتقال إلى هذا النمط بدلاً من النمط التقليدي وما هي الفائدة من ذلك وكل ما يتعلق بذلك من أسئلة واستيضاحات.

خامساً: خطوات تنفيذ الصفوف المعكوسة

ليس هناك طريقة واحدة لتنفيذ التعليم المعكوس، إلا أنه لابد للطالب من الإطلاع على المادة الدراسية قبل الحضور إلى الحصة الصفية. ففي الحال التي يعتمد فيها الفيديو لتقديم شرح المادة للطلبة فإنه يتعين على الطالب أن يتابع الفيديو المتعلق بالحصة الصفية اليوم الذي يسبق الدرس. ويتم توجيه الطلاب إلى التركيز أثناء متابعة الفيديو وبخاصة فيما يتعلق بالمشتتات التي من الممكن أن تقلل من تركيز الطالب أثناء متابعة الدرس مثل الهاتف أو الأجهزة اللوحية التي يتعلق بها كثيراً طلبة القرن الحادي والعشرين. وأثناء متابعة شرح الدرس يقوم الطالب بتدوين الملاحظات والأسئلة. ومن الممكن للطالب أن يستفيد من إمكانية إيقاف الفيديو لتدوين الملاحظات والأسئلة قبل متابعة الشرح. وكذلك يستطيع الطالب إعادة جزئية معينة في الشرح. وهذا أشبه ما يكون بإعطاء الطالب إمكانية إيقاف وتقديم وترجيع المعلم أثناء الشرح. فمن الواضح أن الطالب تصبح لديه إمكانيات من المستحيل أن تتوفر خلال الشرح التقليدي من خلال المعلم. وقد يكون من النقاط التي تواجه الطالب أثناء متابعة الشرح من خلال الفيديو أنه لا يستطيع توجيه أسئلة مباشرة أثناء شرح المادة وهنا يأتي دور تدوين الملاحظات لمناقشتها مع المعلم أثناء الحصة المباشرة. كما أن إمكانيات الترجيع والتقديم في الفيديو من الممكن أن تساعد الطالب في الإجابة عن بعض الاستفسارات من خلال مشاهدة شرح نقطة معينة أكثر من مرة حتى يتم استيعابها (Hockstader, 2013, 10).
يوفرالتعليم المعكوس توازناً بين طرق التدريس المباشرة وغير المباشرة بما يعطي الطالب ثقة أكبر في تعلمه. فاكتساب المعرفة وفهم الأفكار من خلال مشاهدة فيديوهات بصورة ذاتية خارج الحصة الصفية يوفر للطالب ما يحتاج من معرفة ومعلومات ليطبقها خلال الحصة الصفية ولمناقشتها مع زملائه والمعلم. كما أن وقت الحصة المباشر ضروري للطالب ليتأكد من تمكنه من المعلومات والتحقق من أن ما تم اكتسابه من معلومات عن طريق الفيديو هو دقيق وسليم وليس فيه لبس أو غموض. ومن الأشياء التي تساعد على ذلك النقاشات بين الطلاب أنفسهم أو الأسئلة التي يتم طرحها على المعلم وكذلك التطبيقات المباشرة التي تظهر الفهم السليم للمبادئ والأفكار من عدمه (Strayer, 2007, 26).
وفي بدايةالحصة/ المحاضرة ينبغي إعطاء وقت لأسئلة الطلاب حول المادة التي اطلعوا عليها. وهذا الوقت (الأسئلة والإجابة) ضروري للإجابة عن أسئلة الطلاب كما أنه يسمح بالتأكد من أن الطلاب اطلعوا على المادة. فالطالب الذي اطلع على المادة يستطيع أن يسأل ويناقش. وبعد أن تتم مناقشة أسئلة الطلاب وملاحظاتهم في بداية الحصة يكون المعلم قد جهز النشاط الخاص باليوم والذي من الممكن أن يشتمل على تجارب مخبرية أو مهام بحثية استقصائية تعطى للطلبة أو نشاط تطبيقي على حل المشكلة فيما يتعلق بالدرس أو حتى اختبار تكويني (Bergmann & Sams, 2012, 2). وحسب ترتيب المعلم والوقت المتاح لذلك فمن الممكن أن تحتوي الحصة الواحدة على أكثر من نشاط أو مهمة من المهمات السابقة.
وأثناء الحصة الصفية المباشرة من الممكن أن تبدأ الحصة بنقاش حول ما شاهده الطلاب. وتكون هذه الدقائق في بداية الحصة فرصة للإجابة عن أسئلة الطلاب التي قاموا بتدوينها خلال مشاهدتهم لشرح المادة. كما أن هذه النقاشات تفيد المعلم في أخذ تغذية راجعة حول الفيديو التعليمي ومدى فاعليته في شرح المادة. فعلى سبيل المثال، إذا كان الطلاب لديهم الاستفسار نفسه حول نقطة معينة فإن ذلك يكون إشارة إلى أن الفيديو لم يقم بشرح النقطة بشكل واضح ومن هنا يأخذ المعلم ملاحظة لإعادة تحرير الفيديو فيما يتعلق بذلك(Strayer, 2007, 27).
شكل (2) مقارنة بين خطوات التعليم في التعلم التقليدي والتعليم المعكوس

سادساً: توظيف الفيديو في التعليم المعكوس

من الأنماط العديدة التي تعتمد عليها الصفوف المعكوسة ما يسمى بالتدوين الفيلمي (Video casting/ vodcasting). وذلك من خلال تسجيل فيديو لشرح حصة دراسية معينة يتم شرحها من قبل المعلم باستخدام إحدى الأدوات التي تمكن المعلم من تسجيل ما يجري على شاشة الحاسوب وتخزينه ثم رفعه على الإنترنت. إلا أنه ليس بالضرورة أن يكون المحتوى الفيلمي خطياً بمعنى أن يتم عرضه كفيديو بالطريقة التي تم تصويره بها. فمن الممكن استخدام العديد من أدوات التحرير (Video Editing) أو أدوات التأليف (Authoring tools) لإضافة عناصر أرى للفيديو مثل إضافة فهرس بالفيديوهات أو تضمين الفيديو ضمن شاشة من خلال برامج إنتاج الوسائط المتعددة ليتم إضافة نص يجري مع الكلام في الفيديو أو غير ذلك بما يثري الفيديو ويجعله أكثر تشويقاً وتفاعلية (Techsmith, 2013, 3).
وكما تبين سابقاً، يعتبر الفيديو أداة فعالة جداً إذا تم استخدامه بعناية وحكمة في العملية التعليمية. ومن القضايا المهمة في عملية اختيار الفيديو التعليمي أن يكون ذا جودة عالية لكي لا تؤثر الجودة على المحتوى التعليمي في حال كانت الجودة رديئة. كما أن الطريقة التي يتم فيها تقديم المحتوى من خلال هذه الوسيلة التعليمية تعد أمراً مهماً وبخاصة أن الطالب سيقوم بمتابعة شرح المادة من خلال الفيديو بمفرده. ولذلك ينبغي التخطيط الدقيق لمحتوى الفيلم ومجرياته من خلال وضع سيناريو يضمن الالتزام بخط الفيلم وعدم الخروج عنه من أجل الوصول إلى الغاية منه(Techsmith, 2013, 4).
أصبحت عملية إنتاج وتحرير الفيديو سهلة ومتاحة بسبب توفر التكنولوجيا التي تساعد على ذلك. إلا أنه قد لا يستطيع بعض المعلمين إنتاج أفلامهم بأنفسهم بسبب انشغالهم أو عدم معرفتهم بالتكنولوجيا المناسبة وطريقة استخدامها أو حتى عدم تمكنهم من طريقة الشرح والحديث أمام شاشة الحاسوب (Bergmann & Sams, 2012, 4). فقد يجد بعض المعلمين صعوبة في الحديث أمام شاشة الحاسوب فقط والشرح دون وجود طلبة. وفي مثل هذه الحالات وغيرها، من الممكن للمعلم أن يستعين بفيديوهات تعليمية قام بإنتاجها معلمون آخرون أو الاستعانة بإمكانيات معلمين آخرين في هذا المجال لتسجيل الفيديوهات المطلوبة. وينطبق ذلك على دروس معينة أو على المادة بأكملها.
إلا أن إنتاج فيديو تعليمي يشرح مادة تعليمية بشكل واضح ومناسب وفي وقت قصير يشكل تحدياً أمام المعلم ضمن التعليم المعكوس. ففي العادة تكون مدة الفيديو في التعليم المعكوس من 4 إلى 5 دقائق وهذه مدة قصيرة لتوضيح فكرة بشكل تام. لذلك، لابد للمعلم من أن يراعي بشكل دقيق ما يتضمنه الفيديو وأن يخطط له بشكل مناسب مراعياً بذلك سرعة عرض المعلومة والأمثلة المستخدمة والمعينات البصرية المتضمنة في الفيديو حتى لا يؤدي الفيديو الغرض منه ولا يكون مملاً أو مشتتاً للطالب.
وبالرغم من إمكانياته الكبيرة في التعليم، كغيره من الوسائل التعليمية الأخرى، لا يؤدي الفيديو التعليمي دوره بذاته وبمجرد وضع الفيديوهات التعليمية على الإنترنت والطلب إلى الطلاب مشاهدتها. بل تعتمد الفائدة التعليمية للفيديوهات على الطريقة التي يتم توظيفها بها ضمن العملية التعليمية. فطريقة التوظيف هذه هي التي تعمل الفرق ومن شأنها أن تعمل على إثراء العملية التعليمية وتحسينها. فمشاهدة الفيديوهات وحدها خارج وقت الحصة الصفية لا يؤدي إلى نجاح نمط التعليم المعكوس وليس لها أن تحل محل المعلم كما من الممكن أن يعتقد البعض (Fenrich, 2005; Findlay- Thompson & Mombourquette, 2013). فعلى المعلم أن يكون متواجداً ومتابعاً لما يقوم به الطلاب من أسئلة وملاحظات يقومون بتدوينها عند متابعتهم للفيديوهات. وإن كان هناك من لم يقم بمتابعة الفيديوهات قبل الحصة الصفية فلابد للمعلم من القيام بعمل يملأ من خلاله تلك الفجوة كأن يقوم بجعل أولئك الطلاب يشاهدون الفيديو في بداية الحصة أو في مكان ما خلالها أو أن ينظم الطالب الذي لم يشاهد الفيديو لطالب آخر قام بذلك (TechSmith, 2013, 11).
وقبل التفكير في إنتاج فيديو تعليمي يقوم بشرح جزء من المحتوى الدراسي يتعين على المعلم التفكير إذا ما كان الفيديو هو أداة التدريس المثلى لتدريس المادة العلمية من أجل الحصول على مخرجات التعليم المطلوبة. فإن كانت الإجابة أن هناك أدوات أخرى من الممكن أن تكون مناسبة أكثر لطبيعة المادة الدراسية أو لطبيعة الطلاب أنفسهم، فحينها ينبغي أن لا يخاطر المعلم ببذل الوقت والجهد والمصادر من أجل إنتاج فيديو. فإنتاج الفيديو ليس غاية بحد ذاته كما هي الحال في أي شكل من أشكال تكنولوجيا التعليم الأخرى. ذلك أن التكنولوجيا بشكل عام ليست غاية بحد ذاتها ولكنها، مهما كانت متطورة أو بدائية، هي أداة تعلم الهدف من استخدامها الوصول إلى مخرجات تعليم أفضل فإنتاج فيديو تعليمي لا يخلق تعلماً معكوساً لا بل، كغيره من الأدوات التعليمية الأخرى، إنها الطريقة التي يقوم المعلم بتوظيف هذه الأداة (الفيديو) في نمط التدريس هي التي تخلق الفرق وليس الفيديو نفسه (Findlay- Thompson & Mombourquette, 2013, 142).
الفيديو هو مجرد وسيلة تعليمية وليس غاية بحد ذاته. ومع ازدياد المحتوى التعليمي على الإنترنت قد يجد المعلم فيديوهات تؤدي الغرض بشكل جيد ولذلك يجب أن لا يتردد في استخدامها. إلا أنه يجب أن يبقى حاضراً في ذهن المعلم أن الهدف من الفيديو هو تعليمي وعندها لابد من التركيز على جودة الفيديو وكذلك الطريقة التي يقدم بها المحتوى بحيث تكون مناسبة للطلبة. فعلى سبيل المثال، ينبغي أن لا يستخدم المعلم فيديو باللغة الإنجليزية وهو يعلم أن طلبته لا يفهمون هذه اللغة في الشرح فإن كانت لغتهم العربية فعليه أن يجد فيديو يقدم المحتوى بلغة الطلاب وإن لم يجد فمن الممكن أن يلجأ إلى إنتاج فيديو بنفسه (Abdallah, 2011, 94).
ومن ميزات استخدام الفيديو في التعليم المعكوس أن إنتاج الفيديو ليس بالضرورة أن يكون من قبل معلم معين. فالمؤسسة التعليمية، أو المعلم نفسه، من الممكن أن تلجأ إلى معلم متميز في المادة وبهذه الحال لا نكون مضطرين للقبول بمستويات متدنية من التدريس من قبل معلمين غير أكفاء. حتى المعلم غير الكفؤ في مادته أو من الحديثين على التدريس يستطيعون الاستعانة بفيديوهات تعليمية قام بتسجيلها ضليعون في هذا المجال. وهذا بالطبع من شأنه أن يحسن العملية التعليمية برمتها ويرتفع بتحصيل الطلاب.

سابعاً: إنتاج فيديو للتعلم المعكوس

عندما يقرر المعلم إنتاج فيديو تعليمي يشرح من خلاله درساً معيناً فإن عليه التفكير في الأداة التي سيقوم من خلالها بذلك. كما ينبغي اتخاذ العديد من القرارات تتعلق بالأداة والفيديو والمادة التعليمية مع الأخذ بعين الاعتبار الطالب. فقد يلجأ بعض المعلمين إلى تسجيل فيديو لهم أثناء شرح درس معين أمام الطلاب. وقد تكون هذه الطريقة فعالة وبخاصة في بداية تحول المعلم إلى التعليم المعكوس حيث أنها لا تأخذ وقتاً إضافياً في التجهيز والتحضير. فهي مجرد تصوير شرح المعلم الاعتيادي داخل الغرفة الصفية كما أنها لا تحتاج تمويلاً أكثر من كاميرا لتصوير الحصة الصفية. إلا أن هناك طريقة أكثر تشويقاً وجاذبية للطلبة تتعلق باستخدام إحدى أدوات تسجيل ما يجري على شاشة الحاسوب (Screen casting) (Alvarez, 2012, 21).
من الممكن للمعلم أن يستخدم آلية تسجيل ما يجري على شاشة الحاسوب للتنويع في تدريسه ذلك أنها عملية سهلة وليس فيها الكثير من التعقيد والمتطلبات التكنولوجية الإضافية. ومن أبرز ميزات هذه الآلية أن الطالب بإمكانه مشاهدة المادة العلمية في أي مكان ومن خلال معلمه الذي يقوم بالشرح والتسجيل. عندما يقوم المعلم بتسجيل ما يجري على شاشة الحاسوب أثناء الشرح فإن ذلك يعطيه العديد من الأدوات والخيارات التي من الممكن أن يوظفها بطريقة فعالة في شرح الدرس. فهذه الطريقة تمكن المعلم من تسجيل كل ما يجري على شاشة الحاسوب بما في ذلك عرض المعلومات والنقاط الخاصة بالدرس وتسجيل الصوت المصاحب للشرح وربما إدراج صورة المعلم أثناء الشرح وكذلك الطباعة باستخدام لوحة المفاتيح أو الكتابة باستخدام القلم. فمن خلال الكتابة بالقلم يشرح المعلم المعادلات والقوانين (مثل الرياضيات والفيزياء) بدلاً من عرضها جاهزة مطبوعة كما هو الحال في البوربوينت وهو ما يعطي الشرح حيوية وديناميكية أكثر من مجرد عرض المعلومات جاهزة. كما أن هناك العديد من الخيارات والإضافات التي من الممكن أن يتم إثراء الفيديو من خلال إضافتها عند تحرير الفيديو مثل إضافة مشهد توضيحي لفكرة يتم شرحها في الدرس أو إضافة صورة أو تعليق أو بعض الأشكال التوضيحية أو غيرها (Aoki, 2012, 190).
ومع تطور تكنولوجيا الحاسوب الشخصي وتوافر التكنولوجيا المساندة فقد أصبح من السهولة بمكان لأي معلم القيام بعملية عكس تعليمه. فالحاسوب الشخصي أصبح ذا مواصفات عالية تمكنه من عمليات تسجيل وتحرير الفيديو والتي كانت قبل سنوات مقتصرة على حاسبات متخصصة لما تحتاجه العملية من سعة تخزين عالية ومعالجة بيانات سريعة. كما أن الغالبية من الحاسبات الآن تأتي مع كاميرا ومايكروفون وهي كل ما يحتاج المعلم لعملية تسجيل ما يجري على شاشة الحاسوب بالإضافة إلى البرنامج الخاص بذلك.
وتعمل برامج تسجيل ما يجري على شاشة الحاسوب على تسجيل كل ما يتم على الشاشة. ومع تعدد مثل هذه البرامج فإن المهم هو ما يؤدي الغرض بالشكل الأمثل للمعلم. كما أنه ومع انتشار اللوح التفاعلي (Interactive whiteboard) في المدارس فإن جميع هذه الألواح تأتي مع خيار لتسجيل مجريات الحصة الصفية لعرضها فيما بعد بصيغ مختلفة مثل الفيديو. فبإمكان المعلم الذي لديه مثل هذه التقنية في الغرفة الصفية الاستفادة منها في الانتقال التدريجي إلى التدريس المعكوس عندما يتكون لديه مكتبة فيديوهات شرح دروس المحتوى التعليمي (Ashbaugh, 2013, 29).
ويعد الصوت من العناصر الأساسية في شرح الدروس المعكوسة حيث أن شرح المعلم يرافقه صوته. وبما أن الصوت عادة ما يكون له تأثير قوي على وضوح شرح المادة ومدى تركيز الطالب في المحتوى، فإنه من الضروري إعطاء سجيل الصوت العناية اللازمة. خاصة في بعض المواد التي تعتمد على الصوت أساساً مثل تدريس اللغات. فعندها يصبح الصوت أهم العناصر التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار. ولذلك يجب أن يكون جهاز تسجيل الصوت بجودة عالية لكي لا يؤثر على تعلم الطلاب. فيجب أن لا يكون التوفير في النفقات على حساب جودة الفيديو النهائي (Bedford, 2013, 1).
ومن ميزات الفيديو أن مرحلة التحرير من الممكن أن يتم فيها إضافة ما من شأنه أن يثري الفيديو النهائي. فليس بالضرورة أن يقتصر الفيديو على تسجيل لما يدور على شاشة الحاسوب ولكن بإمكان المعلم تصوير بعض المشاهد وإدراجها كفيديو منفصل أو كمشهد توضيحي ضمن فيديو آخر. فمعلم الكيمياء بإمكانه تصوير تجارب مخبرية وإدراجها ضمن التعليم المعكوس لإثراء المادة التعليمية.

ثامناً: خطوات إنتاج فيديو للتعلم المعكوس

إن إنتاج فيديو تعليمي للتعلم المعكوس ليس عملية ارتجالية. فهذه العملية، شأنها شأن العملية التعليمية ذاتها، هي عملية مخطط لها بدقة وعناية فائقة بحيث يتم الاستفادة من كل ثانية في الفيلم بما يخدم موضوع الدرس. ومن أجل الوصول إلى ذلك، لابد للمعلم من يأخذ بعين الاعتبار عدداً من النقاط بما في ذلك ما يلي (Bennett, 2012, 4):
التخطيط للدرس: الفيديو هو عبارة عن وسيلة تعليمية في التعليم المعكوس. ولذلك ينبغي أن يقرر المعلم إذا ما كانت هذه الوسيلة مناسبة لموضوع الدرس ولطبيعة الطلاب. ولذلك ينبغي أن ينظر إلى الفيديو في هذا السياق من منظور تصميم التدريس. فالهدف من الفيديو هو تحقيق أهداف التعلم بالشكل الأفضل بما يخدم تحصيل الطلاب. فلا ينظر إلى هذه الوسيلة بشكل منفصل عن السياق التعليمي. ومن هنا، فاهتمام المعلم يكون منصباً على الأغراض التعليمية التربوية للفيديو. والتفكير بهذه الطريقة يقلل من تركيز المعلم على الفيديو نفسه أو على البرنامج المستخدم أو غيرها. فإن كان لدى المعلم قناعة بأن الفيديو ليس أفضل الأدوات المتاحة لشرح المحتوى التعليمي وأن هناك من الوسائل ما هو أفضل منه فإنه ينبغي أن يلجأ إلى الأدوات والوسائل الأفضل بدلاً عن الفيديو. ففكرة التعليم المعكوس لا تتعلق بمجرد تحويل شرح المادة التعليمية من الطريقة التقليدية المباشرة إلى فيديوهات تعليمية. وينبغي أن يبقى تركيز المعلم على الهدف الأسمى من العملية التعليمية وليس مجرد الأدوات أو التكنولوجيا نفسها.
كما ينبغي التخطيط المسبق والدقيق لمحتوى الفيديو النهائي. فالفيديو هو وسيلة مختلفة لها خصوصيتها التي تختلف عن التدريس المباشر. فحتى يحصل المعلم على ما يريد من لفيديو يجب أن يأخذ بعين الاعتبار كل ذلك. فيكون التركيز على وضوح محتوى الدرس وعلى أن لا يكون في الفيديو كثير من الحشو والإعادة حتى لا يمل الطالب ويفقد انجذابه للفيديو والتركيز في المحتوى. وببساطة فالفيديو يتيح للطالب الإعادة إن احتاج لذلك (Caulfield, 2011, 15).
تسجيل الفيديو: تتراوح عملية تسجيل الفيديو بين البسيط والمتقدم. فقد يكتفي المعلم في بداية تبنيه للتعلم المعكوس بتصوير شرحه للمحاضرات والحصص بكاميرا فيديو واستخدامها فيما بعد في الدروس المشابهة. وهذا لا يتطلب جهداً إضافياً من قبل المعلم وهو مناسب في المراحل الأولى من الانتقال إلى التعليم المعكوس حتى يكون الانتقال سلساً ولكي لا يواجه رفضاً من قبل المعلمين. وفي مراحل لاحقة من الممكن استخدام برامج وتقنيات أكثر وبالتدريج.
تحرير الفيديو: في كثير من الأحيان، يحتاج الفيلم الذي تم تسجيله تحريراً لوجود بعض المشكلات أو للحاجة إلى إضافة مواد وعناصر غير موجودة فيه. وعادة ما تأخذ عملية تحرير الفيلم وقتاً طويلاً نسبياً إلا أن ما تضيفه إلى الفيلم قد يكون جوهرياً وضرورياً. كما أنه في حال وجود خطأ أو مشكلة في الفيلم الذي تم تسجيله فإن عملية التحرير تعطي مجالاً للتعامل مع ذلك بسهولة دون الحاجة إلى إعادة تسجيل الفيلم كاملاً. كما أنه ومن خلال التحرير يستطيع المعلم أن يضيف إلى الفيديو إشارات وملاحظات قد تساهم في زيادة فهم الطالب للمحتوى.
من الإضافات التي من الممكن أن يضيفها المعلم للفيديو أثناء عملية التحرير، وقد تثري المحتوى التعليمي، بعض الأشكال التوضيحية والتعليقات النصية ومقطع فيديو والتعديل في الحجم أو التقريب (Zoom In & Zoom out) (Clark, 2011, 24).
نشر الفيديو: وبعد أن تتم عملية تسجيل الفيديو وتحريره يصبح الفيديو جاهزاً لنشره بين الطلاب بالوسيلة المناسبة. وتتعلق بعملية نشر الفيديو العديد من الأسئلة والقرارات التي ينبغي أن يتخذها المعلم. فهناك تباين كبير بين الطلاب والمدارس والمناطق التعليمية. فعلى المعلم أن يراعي الوسيلة التي سيتم نشر الفيديو فيها بحيث تكون مادة الفيديو لجميع الطلاب. فإذا ما اتخذ المعلم قراراً بأن يضع الفيديوهات على الإنترنت فعليه أن يتأكد من أن جميع الطلاب يستطيعون الوصول إليها. فقد تكون سرعة الإنترنت غير بطيئة بالنسبة لعرض الفيديو وعندها لا يستطيع عدد من الطلاب مشاهدتها بسهولة. ذلك أنه إذا ما كانت وسيلة مشاهدة الفيديو مزعجة بالنسبة للطالب فقد يعزف عن هذه الطريقة أو يصيبه الإحباط والملل. كما أنه إذا وضع المعلم مقاطع الفيديو، على موقع اليوتيوب مثلاً، فعليه أن يتأكد إذا كان مسموح الوصول إلى الموقع من قبل المدرسة. حيث إن بعض المدارس يكون لديها سياسة حجب بعض المواقع ولذلك يجب التأكد والتنسيق مع المسئولين حول ذلك. ولذلك، قد يرتأي المعلم أن يخزن الفيديوهات على أقراص (CD) ويوزعها على الطلاب ليتمكنوا من مشاهدتها إذا وجد أن هناك مشكلة في الدخول إليها عن طريق الإنترنت. حتى مثل هذه الوسيلة ينبغي أن يتابع المعلم مدى مناسبتها لجميع الطلاب وإن كانوا جميعاً لديهم حاسوب في المنزل وأن أجهزتها قادرة على قراءة وسيطة التخزين.

تاسعاً: نشر الفيديو للطلاب

بعد إنتاج الفيديو الخاص بالمادة التعليمية لابد من التفكير بالطريقة التي ستستخدم لإيصال الفيديو للطلبة حيث أن الطريقة نفسها من الممكن أن تؤخذ بعين الاعتبار في إنتاج الفيديو. ذلك أن الطريقة أو الوسيلة التي تعتمد لتوصيل المادة العلمية يكون لها تأثير على شكل المادة. ففي مجال الفيديو التعليمي، إن كان الفيديو سينقل من خلال الإنترنت فلابد من أن يؤخذ حجم الفيديو ذلك أن الحجم سيحدد مدى استفادة الطلاب منه وبخاصة الطلاب الذين ليس لديهم سرعة إنترنت عالية. أما إن كانت الوسيلة هي من خلال أقراص مضغوطة فإن حجم الفيديو يصبح أقل أهمية. وهنا من الممكن التفكير بعدد من البدائل والتي قد يكون بعضها أو أحدها مناسباً أكثر من الآخر لكل بيئة تعليمية وموقف تعليمي. ومن هذه الخيارات
وضع الفيديو المنتج على المدونات الشخصية.
استخدام الخوادم (Servers) الخاصة بالمدرسة أو بالمنطقة التعليمية لرفع الفيديو.
استخدام مواقع مثل اليوتيوب (Youtube.com).
المواقع الإلكترونية.

توزيع الفيديو عن طريق أقراص مضغوطة (CD).
google-playkhamsatmostaqltradent